--------------------------------------------------------------------------------
قوله تعالى: { كل نفس ذآئقة الموت}
عندها قالت الملائكة: متنا وعزة الله
فيموت كل صغير وكبير, وكل أمير ووزير, كل عزيز وحقير, كل غني وفقير, كل نبي وولي, وكل صحيح وسقيم ومريض وسليم, كل نفس تموت غير ذي العزة أية عندما نزلت أيقن كل ذي عقل وروح أنه هالك هي
والجبروت.
سكرات الموت
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما احتضر جعل يقول:
( لا اله إلا الله إن للموت لسكرات )
وروي أنه قال عند احتضاره: ( اللهم هون علي سكرات الموت )
وروي عنه أنه قال: ( لو أن ألم شعرة من شعر الميت وضع على أهل السماوات والأرض لماتوا أجمعين ) لأن في كل شعرة ألم الموت, ولا يقع الموت ولا يحل في شي إلا مات.
وفي بعض الأخبار, للموت ثلاثة آلاف سكرة, كل سكرة منها أشد من ألف ضربة بالسيف وفي بعض الأخبار أن الدنيا كلها بين يدي ملك الموت كالمائدة بين يدي الرجل يمد يده إلى ما شاء منها فيتناوله ويأكله بل هو أقرب, وإن معه أعواناً الله أعلم بعدتهم ليس منهم ملك إلا لو أذن الله له أن يلتقم السماوات والأرض في لقمة واحدة لفعل, وما تقرب ملك الموت من حملة العرش إلا ازدادوا فزعاً منه حتى يرعدوا, وفي كل ما خلق الله البركة إلا في الأجل فإنه مؤقت لوفاء العدة وانقضاء المدة.
آلام الموت
روي أن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال لكعب: يا كعب حدثنا عن الموت؟ فقال: يا أمير المؤمنين هو غصن كثير الشوك, ادخل في جوف رجل حتى إذا أخذت كل شوكة بعرق, ثم جذبه رجل شديد الجذب فقطع ما قطع وأبقى ما أبقى.
خليل الرحمن
روي عن الحسن رحمه الله أنه قال: لما مات خليل الرحمن اجتمعت إليه أرواح الأنبياء فقالوا: إن الله تعالى اتخذك خليلاً من بين سائر الأنبياء والرسل, فإن كان الموت خفف عن واحد فأنت هو, فأخبرنا كيف وجدت طعم الموت؟ فقال: أواه, وجدته والله شديداً, والذي لا اله غيره هو أشد من الطبخ في القدور والقطع بالمناشير, أقبل ملك الموت نحوي بكلوب من حديد فأدخله في كل عضو مني ثم استل الروح من كل عضو حتى جعله في القلب ثم طعن في القلب طعنة بحربته المسمومة بسم الموت فلو أني طبخت في القدور سبعين مرة لكان أهون علي, فقالوا: يا إبراهيم لقد هون الله عليك الموت فإذا كان هذا حال الأنبياء فما يصنع بالمخطئين!!
داوود والذرة
ذكر في بعض الأخبار أن داوود عليه السلام كان في محرابه فإذا بدودة كالذرة, فقال داوود في نفسه: ما يعبأ الله بهذه الدودة! فأنطقها سبحانه وقالت: والله يا داوود إني أعبد الله سبحانه وتعالى وأخافه وأسأله أن يهون علي الموت.
موسى وموعظته
روي أن موسى عليه السلام لما صارت روحه إلى الله سبحانه قال: يا موسى كيف وجدت الموت؟ قال: وجدت نفسي كالعصفور حين يقلى على المقلاة, لا يموت فيستريح, ولا ينجو فيطير.
نوح وعيسى والخوف
روي عن وهب بن منبه أنه قال: قام نوح عليه السلام خمسمائة عام لا يقرب النساء وجلاً من الموت. وهو المطلع.
وروي أن عيسى عليه السلام قال للحواريين: ادعوا الله أن يخفف عني سكرات الموت, وهو روح الله.
صلحاء الجن
وذكر عن بعض العباد أنه كان يصلي فقرأ هذه الآية: {كل نفس ذآئقة الموت}
وجعل يتدبرها ويرددها, فسمع قائلاً يقول: يا هذا كم تردد هذه الآية؟ فوالله لقد قتلت بها أربعة من الجن ما رفعوا رؤوسهم إلى السماء قط حياءً من الله تعالى, ولقد ماتوا من ترديدك هذه الآية.
القرآن والموت واعظان
روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال: ( تركت فيكم واعظين ناطقاً وصامتاً, فالناطق القرآن والصامت الموت ).
ذكر الموت والعمل
روي عن النبي عليه الصلاة والسلام انه قال: ( ما أكثر رجل ذكر الموت إلا زاد ذلك في عمله ) . فيا إخواني وأخوتي أكثروا ذكره لعل الله يهونه عليكم, ويرحمكم عند نزوله بكم, واجعلوا الموت عند منامكم مهاداً, وعند قيامكم سهاداً, فرحم الله أمرءاً رحم نفسه, ونظر إليها وذكر رمسه.
اللهم يا أكرم الأكرمين, تفضل علينا وعلى جميع المذنبين, بتوبة تنقلنا من ذل المعصية إلى عز الطاعة, وثبتنا عليها حتى تخرجنا من الدنيا بل ذل ولا تباعة, على منهاج أهل السنة والجماعة الذين أوجبت لهم الرحمة والشفاعة, اللهم إن الطاعة بقدرك والمعاصي, وفي قبضتك القلوب والنواصي, فطهر قلوبنا بماء التوبة, واغسلها من دنس الحوبة, ومتعنا بالسلامة في ديننا ودنيانا أبداً ما أبقيتنا, ولا تردنا على أعقابنا بعد إذ هديتنا, وصلى الله على محمد خاتم النبيين, وخير المرسلين, واحشرنا تحت لوائه أجمعين, على منهاجه وسنته غير مبدلين ولا مغيرين موفقين معصومين غير مغضوب علينا ولا ضالين, يا أرحم الراحمين, {وأخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين} ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.